مكالمة خاطئة تتحول الى حبل نجاه
"أعادت لي الحياة ،وإني بأكلم اللي يتعالجوا معي من السرطان يتصلوا بخط الإستشارات النفسية والأسرية " هكذا قالت الناجية (س .م)معبرة عن إمتنانها وشكرها لإخصائية الخط الساخن المجاني (خط الإستشارات النفسية والأسرية ) .
(س .م) شابة في مقتبل الثلاثينات ، تسكن في مدينة (الحوبان ) يتيمة الأم والأب عاشت حياة الفقر والفاقة وقاست من شظف العيش وصعوبته ، وقسوة اليتم والعجز ،حيث كان أخويها على خلاف دائم حتى تفاقم الأمر وقام أحد أخويها بقتل الآخر وإصابتها بطلقتين ناريتين على كتفيها أثناء الصراع بينهما ليتوفى أخيها بين ذراعيها الأمر الذي تسبب بإصابتها بصدمة نفسية والذي انعكس على صحتها الجسدية حيث أصيبت بتلف الكبد وتفاقم الأمر واضطر الأطباء لاستئصال أحدى كليتيها . وأملاً في حياة أفضل ،تزوجت بشاب في مثل عمرها ،وكأي فتاة حلمت بحياة زوجية هادئة مع شريك حياتها ولكن لم يتحقق شيء من أحلامها،فلم يستمر هذا الزواج طويلاً حيث تطلقت منه بعد سنة من الزواج ،نتيجة إهماله لها وحرمانها من الموارد ونشوب الخلافات بينهما .
لم تنتهي مأساة (س .م) هنا فقد شخصت لاحقاً بالإصابة بمرض السرطان حيث تدهورت الحالة النفسية لها الأمر الذي جعلها تدخل في إضطرابات نفسية شديدة ، للأسف عانت (س .م ) كل هذا وحيدة ،ساء الحزن والانطواء على حياتها بشكل أكبر عندما تعرضت للتنمر من قبل نساء القرية ،حيث كانت تتفادى نساء القرية مصافحتها ظناً أن مرضها معدي وينتقل عبر المصافحة (نتيجة قلة وعي أهل القرية) .
كانت (س.م) تتلقى سلة غذائية شهرية من أحدى المنظمات العاملة في المجال الأنساني وأثناء محاولتها الاتصال بالمنظمة أخطأت بالرقم ( كونها أمية لا تقرأ ولأتكتب ) متفاجئة بأنه خط الإستشارات النفسية والأسرية التابع لمؤسسة الرعاية النفسية التنموية ، قامت الأخصائية بتعريف (س.م) عن خدمات الإستشارة النفسية والأسرية كون (س.م) لم تكن تعي معنى الصحة النفسية ،أبدئت (س.م) إهتمامها ورغبتها في الحصول على المساعدة لتبدأ عندها رحلة علاجها . لم يكن اتصال(س.م) بخط الإستشارات النفسية والأسرية التابع لمؤسسة الرعاية النفسية التنموية صدفة وإنما طوق نجاه لمساندتها في محنتها .
خضعت (س.م) لجلسات علاجيه دورية عبر الهاتف وفي مواعيد محددة وفق الخطة التي وضعتها الأخصائية، حيث أرتكزت الخطة العلاجية على ثلاثة محاور، الأول: جرد الماضي ومرحلة استبصارها بمشاكلها والمحور الثاني: جلسات الدعم النفسي والإجتماعي ، والمحور الثالث: العلاج المعرفي السلوكي .
احتاجت الناجية 6 شهور للمعالجة عبر الهاتف بمعدل ثلاث جلسات أسبوعيه في الأربع الشهور الأولى ، ثم جلسه أسبوعياً لبقية الفترة تم مساعدتها على التنفيس وتدريبها على التعرف على الأفكار السلبية وتعديلها طوال فترة علاجها الكيمائي والإشعاعي والذي استمر لمدة 12 شهر ، إجراءات المتابعة للحالة والانتظام بالخطة العلاجية والجلسات النفسية أدت إلى تحسن حالة (س.م)وأصبحت واثقة من نفسها ، كما تم رفع تقديرها لذاتها وتعلمها أساليب اتخاذ القرار مع أساليب حل المشكلات.
" كثيراً ما كانت (س.م) تتمنى الموت ،ولكن جلسات الدعم النفسي زرعت فيها الأمل من جديد " قالت الأخصائية المتابعة لحالتها .
اليوم أصبحت (س.م ) في المراحل الأخيرة من علاجها الإشعاعي، حيث زارت محافظة صنعاء مؤخراً ،وكلها شوق ولهفة للقاء الأخصائية التي ساندتها عبر الهاتف طوال رحلة علاجها (سنة واربع شهور ) . تم التنسيق لإستقبالها في مكتب المؤسسة (صنعاء)وذلك تلبيةً لرغبتها ،وفي اللقاء المنتظر عانقت (س.م ) الأخصائية بحرارة وعينيها تدمع فرحاً قائلةً " أنتي بدال أمي" بمعنى (أنتي بمثابة أمي ) .
خلال العام 2021 ،قدمت مؤسسة الرعاية النفسية التنموية خدمات الاستشارة النفسية والأسرية المجانية لأكثر من 433 مستفيدة من مختلف محافظات الجمهورية اليمنية .