الثلاثاء, 26 يوليو, 2022

نوال فتاه ريفية تعرضت للعنف المنزلي وحُرمت من التعليم

  الناجية نوال فتاة تبلغ من العمر ثلاثون عاماً ، عازبة ، من مديرية المشنة محافظة إب . تعيش مع أسرة يسودها الظلم والحرمان حيث يحق للأخوة الذكور السيطرة وفرض الأوامر على الإناث يصل إلى درجة الضرب والحرمان من معظم الحقوق.

   تقول الناجية " تعرضت لضرب مبرح من أحد أخوتي وأمي متواجده و لم تفعل شيئا لمنعه ،وكان رد أمي : " أسمعي كلام أخوك ولاتعصبيه ،وتكرر ضربي عدة مرات أمام أمي وأبي  الأمر الذي جعل من أخوتي الشباب يرون هذا التسلط الذكوري أمراً طبيعياً".

   عندما بلغت الناجية  نوال من العمر  ( 17 ) عاماً كانت قد وصلت في دراستها إلى الصف الثاني الثانوي تم حرمانها من مواصلة الدراسة بحجة عدم استطاعته أبيها توفير مصاريف دراستها رغم توفيره لإخوتها الذكور كل مصاريف ومتطلبات المدرسة .

  تقول الناجية نوال "  أبي حرمني من ابسط حقوقي وهو التعليم، وقد كنت أحلم منذ طفولتي أن أكون طبيبة في المستقبل  "

   وبعد فترة قصيرة تزوجت اثنتين من أخوات نوال وهن أصغر منها سناً بينما كان عمر الناجية كان 25 عاماً في ذلك الوقت ولم تتزوج بعد وهذا جعلها عرضة للسخرية والاستهزاء من قبل أسرتها ومعايرتها بأنها عانس  , كما أنهم كانوا يشعرون بالحرج من أخذها إلى المناسبات  التي تُدعى الأسرة لحضورها ويمنعونها من الحضور أو الذهاب معهم لأن من أعراف وتقاليد القرية أن تتزوج البنات في سن مبكر وتتزوج البنت الكبرى أولاً  .

    تقول الناجية " ذات مرة حصلت أسرتي على دعوة زفاف من أحد الأقارب في القرية فقرر والدي الذهاب مع جميع أفراد الأسرة لحضور الزفاف ماعدا أنا رفض أخذي بحجة أنهم سوف يسخرون ويستهزؤون بي أنني كبيرة بالعمر ولم أتزوج وأخواتي تزوجن قبلي " .

  ما تعرضت له الناجية من معاملة قاسية من قبل أفراد أسرتها أثر في حالتها النفسية فأصبحت تشعر بخيبة الأمل وبالحزن والكآبة والضيق والقهر والأرق والشعور بعدم الراحة و فقدان الثقة بنفسها والشعور بالنقص وفقدان الشهية حيث كانت تراودها أفكار انتحارية وأوهام تآمريه واضطهادية فأصبحت تعاني من أعراض ذهانية  وهذه الأعراض أدت بالناجية إلى دخولها بصراع ومشادات مع أسرتها حتى بدأت تمارس سلوك عدواني ضد أسرتها فقد أقدمت الناجية على   الاعتداء على الأم بالضرب والعبث بأثاث المنزل  .

 سمعت أحدى جيرانهم بوجود المشاكل والخلافات المستمرة مع الناجية وأسرتها فقامت الجارة بتوعية الأم والإشادة بضرورة اخذ الناجية إلى مركز الدعم النفسي التابع لمؤسسة الرعاية النفسة التنموية بمحافظه إب حيث وضحت الجارة  أن نوال ستتلقى خدمات الدعم النفسي بالمركز مجاناً وبدون أي خسارة مادية للأهل وهذا ما دفع  الأم لأخذها إلى المركز .

حضرت الناجية نوال إلى مركز الدعم النفسي   وتم عمل جلسة تقييم وعمل بعض المقاييس النفسية التي أثبتت أنها تعاني من إضطراب الفصام ، الجلسة الثانية تم عمل خطة مع المريضة لمواجهة هذه المشكلة ،كما تم إحالتها إلى الطبيب النفسي الذي بدورة قام بتقييم الحالة وعمل خطة دوائية تتزامن مع الخطة العلاجية، وبعد عمل عدد من الجلسات النفسية والمتابعة أتضح أن الحالة فعلا بدأت تستجيب للعلاج النفسي والدوائي .

  وبعد ما يقارب الستة الأشهر من مداومتها على العلاج والجلسات النفسية والتقييم عبر قوائم التقييم بشكل شهري ، لوحظ تحسن الناجية وتلاشي العديد من الأعراض مثل الهلاوس والشكوك والعدوانية، كما تم عقد جلسة إرشاد أسري حضر فيها كلاً من أم الناجية وأخيها  حيث تم  مناقشة  حالة الناجية والأساليب الصحيحة في التعامل معها ،وبتشجيع من الأخصائية  وأقناع عائلة الناجية عادت نوال لمواصلة دراستها الثانوية العامة وبدأت بحفظ القرآن الكريم والتحقت بدورة صناعة الإكسسوارات في جمعية تقوم بتدريب وتأهيل النساء في عدة مجالات مثل الخياطة والنقش والإكسسوارات جوار منزلها ،  حيث صنعت وباعت العديد من الأساور والعقود  .

قالت الناجية " لقد كنت فقدت أملي في الحياة وأصبحت أتمني الموت كل دقيقة وعندي رغبة جانحة في التخلص من هذا العذاب وقتل نفسي ، والآن عاد لي الأمل في الحياة وأصبحت انظر للمستقبل  بنظرة مشرقة ونظرة تفاءل و رضا".

تعاني فئة من النساء والفتيات في اليمن من عنف وتضييق، ويمكن القول إنّهنّ ما زلن يدفنّ على قيد الحياة. أعمار كثيرة تمضي كأنها موت معلّق في ظلّ منظومة أبوية تعطي السلطة المطلقة للرجال.

لا يوجد إحصائيات وافية عن العنف المنزلي الممارس ضدّ النساء في اليمن، إذ أنه لا يعدّ مشكلة "حقيقية" بالنسبة للمجتمع حيث يرى المجتمع أن ما يحدث داخل البيت هو من شأن أهل البيت مهما كان، ولا يتجرأ أحد على الدخول لإنقاذ المعنفات" ، كما أنّ النساء يتردّدن بالتبليغ عن الاعتداءات بسبب الخوف ووصمة العار.

تنفذ مؤسسة الرعاية النفسية التنموية  بتمويل من صندوق الأمم المتحدة للسكان مشروع مركز الدعم لنفسي بمديرية المشنة محافظة إب ، والذي يقدم خدمات الدعم النفسي المتخصص والغير متخصص  للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي والنساء والفتيات المعرضات لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي".

 

 

 

مشاركة:

القائمة البريدية

للحصول على آخر تحديثات وأخبار المنظمة